لقب “سيدة نساء العالمين” ليس مجرد تكريم، بل هو مقام عظيم منحه الله لإحدى النساء اللواتي تركن أثرًا خالدًا في تاريخ البشرية والإيمان.
اختلف العلماء في تحديد من هي سيدة نساء العالمين، لكن النصوص الشرعية من القرآن والسنة النبوية حددت ذلك بدقة.
في هذا المقال، سنتناول من هي سيدة نساء العالمين؟
وما صفاتها، ولماذا نالت هذا الشرف العظيم؟
وما الذي يمكن أن نتعلمه من حياتها؟
من هن النساء العظيمات في الإسلام؟
قبل أن نحدد من هي سيدة نساء العالمين، لا بد أن نعرف أن الإسلام أنصف المرأة، ورفع مكانتها، وذكر نماذج نسائية يُحتذى بها في القرآن والسنة.
أبرز النساء في الإسلام:
- مريم بنت عمران: أم عيسى عليه السلام.
- خديجة بنت خويلد: أول من آمنت بالنبي ﷺ من النساء.
- فاطمة الزهراء: ابنة رسول الله ﷺ.
- آسية بنت مزاحم: زوجة فرعون ومؤمنة صابرة.
من هي سيدة نساء العالمين؟
فاطمة الزهراء رضي الله عنها
ورد في الحديث الشريف أن النبي ﷺ قال:
“فاطمة سيدة نساء أهل الجنة” (رواه البخاري).
وفي حديث آخر:
“أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، أو سيدة نساء هذه الأمة؟” (رواه مسلم).
وقال أيضًا:
“فاطمة سيدة نساء أهل الجنة بعد مريم بنت عمران” (رواه أحمد).
وهذا يدل على أن فاطمة الزهراء هي سيدة نساء هذه الأمة، أما مريم فهي سيدة نساء العالمين في العموم.
مريم بنت عمران عليها السلام
قال الله تعالى:
“وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ” (آل عمران: 42)
وهذا نص صريح في أن مريم بنت عمران هي سيدة نساء العالمين.
الجمع بين الأحاديث
يرى العلماء أن:
- مريم بنت عمران هي سيدة نساء العالمين في زمانها.
- فاطمة الزهراء هي سيدة نساء أهل الجنة، وأفضل نساء الأمة المحمدية.
وبعض العلماء يجمع بينهما بأن كليهما بلغ مقام السيادة، وكلٌّ في مجاله.
لماذا نالت مريم هذا اللقب؟
1. الطهارة والعفة
كانت مريم من أطهر نساء الأرض، عُرفت بعفافها وعبادتها لله.
2. الاصطفاء الإلهي
قال الله: “اصطفاكِ وطهركِ”، وهذا تكريم مباشر من الله.
3. معجزة الحمل بعيسى
حملت بعيسى عليه السلام بكلمة من الله دون أن يمسسها بشر.
4. الصبر والثبات
تحملت الأذى والاتهام بالكذب، لكنها ثبتت وصبرت، فرفع الله شأنها.
صفات سيدة نساء العالمين مريم بنت عمران
1. التقوى والورع
كانت من القانتين، المداومين على الطاعة.
2. العبادة والاعتكاف
قال تعالى: “كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا”.
3. الحياء
لم تُعرف مريم إلا بالحياء والبعد عن الفتنة.
4. الصبر
صبرت على كلام الناس واتهاماتهم، ولم تلجأ إلا إلى الله.
ماذا نتعلم من سيدة نساء العالمين؟
1. أن الطهارة والحياء أعظم زينة للمرأة
ليس الجمال الخارجي ما يرفع المرأة، بل نقاؤها الداخلي.
2. أهمية التفرغ للعبادة
مريم عُرفت بعبادتها، وهذا ما رفعها.
3. الصبر على الابتلاء
كلما زاد البلاء، زاد الأجر.
4. الثقة في الله
لم تدافع عن نفسها، بل قالت: “فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ” (مريم: 29)، وتركت الدفاع لعيسى الرضيع.
منزلة فاطمة الزهراء في الإسلام
1. بنت رسول الله ﷺ
أقرب بناته إليه، وأشبههن خَلقًا وخُلقًا به.
2. أول أهل بيته لحوقًا به
قال لها النبي: “أنتِ أول أهلي لحوقًا بي”، ففرحت بذلك.
3. صابرة ومجاهدة
عاشت فقرًا وصعوبات، وكانت زوجة لعلي رضي الله عنه، وأمًّا للحسن والحسين.
4. سيرتها الطاهرة
لم تكن تطلب الدنيا، بل كانت زاهدة، عابدة، تخدم زوجها وأولادها وتتحمل مشقة الحياة.
فضل نساء الجنة
الأربع اللواتي كملن من النساء:
قال النبي ﷺ:
“كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ” (رواه الترمذي)
مكانتهن في الجنة
- فاطمة سيدة نساء أهل الجنة.
- مريم سيدة نساء العالمين.
- خديجة أول من بُشّرت بقصر في الجنة.
- آسية مثال للثبات في وجه الطغيان.
الخلاصة بين مريم وفاطمة
| المعيار | مريم بنت عمران | فاطمة الزهراء |
|---|---|---|
| الزمن | قبل الإسلام | في عهد الإسلام |
| السيادة | على نساء العالمين | على نساء أهل الجنة |
| القرابة من نبي | أم نبي (عيسى) | بنت نبي (محمد) |
| الابتلاء | الحمل المعجز | الفقر والظلم والمرض |
سيدة نساء العالمين
هي مريم بنت عمران، كما نصّ القرآن الكريم.
لكنها ليست الوحيدة التي نالت هذا الشرف، فقد بلغت فاطمة الزهراء، خديجة، وآسية، منازل عظيمة في الجنة.
علينا أن نقتدي بهن في الصبر، والعبادة، والتقوى، وأن نعلم أن رفعة المرأة ليست في مالها أو جمالها، بل في إيمانها واستقامتها.
فهنيئًا لكل امرأة تسير على نهج مريم وفاطمة، وتنال رضا الله وسعادة الدنيا والآخرة.
