الحوار أثناء الخطوبة .. بوابة السعادة بعد الزواج

الحوار أثناء الخطوبة .. بوابة السعادة بعد الزواج

يغفل بعض المخطوبين عن الأدوار الحقيقية التي تلعبها فترة الخطوبة في التقريب بينهم، والتعريف بهم، وتقليل فجوة الخلاف، وتعميق أواصر الصداقة والحوار، وينشغلون بأمور ثانوية خلال هذه الفترة لا تسمن ولا تغني من جوع، مثل: تبادل كلمات العشق والهوى، والحديث في أمور ثانوية لا تؤسس العلاقة، ويتحمل الطرفان بعد الزواج نتيجة سوء استغلالهما لفترة الخطوبة، فلو أدركا أهمية الحوار قبل الزواج لما اشتكيا من صعوبته بعد الزواج.

وهنا يكمن السؤال: كيف نتحاور أثناء الخطبة؟ كيف نتأكد من “أهلية” الطرف الآخر لشراكة الحياة الزوجية؟ كيف نتواصل معه دون إثارة مشاكل مستقبلية؟ ما الموضوعات التي يجب أن نطرحها على طاولة النقاش؟ وما المسكوت عنه الذي يجب ألا نتطرق إليه؟ أسئلة كثيرة نحاول أن نطرحها على الخبيرة الاجتماعية الأستاذة نجلاء محفوظ- كاتبة صحفية، والرئيس المناوب للقسم الأدبي بجريدة الأهرام المصرية- وكان لنا معها هذا الحوار:

ما أهمية فترة الخطوبة؟

هي فترة مهمة جداً في بناء العلاقة الزوجية؛ فمن خلالها يتعرف المرء على جوانب في شخصية الطرف الآخر، وهنا تكمن أهمية الحوار بين الخطيبين، يتعلم كلاهما فنون إدارة الحوار، ويكون الحوار موجهًا، وليس عبثيًا.

ما لغة الحوار التي يجب أن يستعملها الخطيبان؟

يجب أن يكون هناك احترام في التعامل مع الطرف الآخر، والبعد عن الابتذال والمزاح من خلال السباب، كما لا يصح مقارنة الطرف الآخر بالآخرين، وليكن الحوار بين الطرفين بسيطًا دون تكلف، ويساهم الود المشترك في إنجاح الحوار بين الطرفين؛ بشرط ألا تتحول لغة الود إلى “دلال”.

ويجب أن يسعى كل طرف إلى معرفة أكبر قدر من المعلومات عن شخصية الطرف الآخر من خلال إظهار حب التعرف والصداقة والرغبة في بناء الجسور دون إلحاح أو ضغط، كما يجب أن يختار الخطيبان الوقت المناسب لإجراء هذا الحوار الفعال، والتوقف عن الحوار إذا قرب على المشاجرة قبل حدوث أي خسائر؛ مع تبادل أدوار المستمع والمتكلم بينهما، وعدم الضغط لنسخ الآخر على هوانا.

وإذا كانت هناك قضايا تحتاج للحسم -مثل عمل الفتاة بعد الزواج- يجب أن تطرحها بأسلوب مقنع وإيجابي، وأن يحسم الأمر قبل الزواج وعدم تأجيله إلى بعد الزواج؛ لأن كثيرين في فترة الخطوبة يؤجلون المشاكل كلها إلى بعد الزواج حتى لا تحدث مشكلة في فترة الخطوبة!

ولكني هنا أنصح بأن يتم طرح الموضوعات التي تحتاج إلى حسم بشكل عاقل وحكيم، ووضع الخيارات بدلا من تهديد الطرف الآخر بفسخ الخطوبة إذا لم يستجب لمطالبه.

هل للخلاف في فترة الخطوبة دلالة على مستقبل العلاقة الزوجية؟

القدر المسموح به في الخلاف هو الخلاف في وجهات النظر في الحياة، مثل الاختلاف بين الأصدقاء، فمن العجيب أننا نتقبل خلافاتنا مع أصدقائنا بصدر رحب، غير أننا نطلب من شريك حياتنا أن يكون نسخة منا، ويتطابق مع أفكارنا وميولنا برحابة صدر.

وينجح الحوار بين الخطيبين إذا تم إدارته كالحوار بين الأصدقاء، فمن الخطورة أن يكون هناك تحفز لرأي الطرف الآخر، وتفسيره على المحمل السيئ، وإصدار أحكام مسبقة للحكم على آراء شريك الحياة.

إلى أي حد يمكن أن يكون الخلاف في وجهات النظر في حدود المسموح؟

ليس بالضرورة أن يكون الطرفان متطابقين-كما سبق أن أشرت بالقول- وأرى أن الخلاف في التفاصيل ضروري لإثراء الحياة؛ لأننا لا يمكن أن نتزوج بمن هم نسخة لذاتنا.

ولكن يجب الوقوف أمام بعض الصفات السلبية التي يمكن أن نكتشفها مبكراً؛ مثل: عدم التدين، انعدام الشخصية والانسياق لكلام الآخرين في الكبيرة والصغيرة، رغبة الفتاة في فرض شخصيتها بالقوة، بخل الرجل… إلخ.

هل يمكن أن يتدخل الأهل في تفعيل الحوار بين الخطيبين؟ وما القدر المناسب لتدخلهم؟

يكمن دور الأهل في أن يتم الحوار تحت رعايتهم، وتوفير مكان مفتوح في البيت أمام الأسرة، ودور الأم هو توعية البنت بأن فترة الخطوبة ليست مجرد سماع كلمات حلوة من الخاطب، ولكنها جزء من الحوار.

وكما يقول المثل: تكلم كي أراك.. وهنا يكون دور الأهل، مجرد توجيه خارجي لشكل الحوار وأهم عناصره، ولكن على الطرفين عدم حكي تفاصيل الحوار للأهل إلا للاستشارة الضرورية من أهل الخبرة فقط، وعدم استشارة الأصدقاء في الأمور الخاصة بين الخطيبين؛ لأن افتقادهم للخبرة سينعكس بالضرورة على استشاراتهم، واقتراحاتهم.

ما الموضوعات التي يجب أن يطرحها الخطيبان في هذه الفترة؟

من المهم أن يتعرف كل طرف على الاهتمامات الشخصية للطرف الآخر، وتصوراته لكيفية الحياة في المستقبل ومعلومات أكثر عن أهل الطرفين، ومناقشة الأمور المستقبلية بهدوء تجنبًا لحدوث مفاجآت مستقبلية.

ما الموضوعات التي تحذرين من أن يطرحها الخطيبان في هذه الفترة؟

هناك قائمة من الموضوعات أحذر من تناولها في أجندة الحوار أثناء فترة الخطوبة؛ من بينها:

* عدم الخوض في الكلام عن الجنس

ينبغي تجنب الحديث في الجنس؛ لأنه حرام، وكذلك لأن الكلام في الجنس لا يتوقف عند مستوى الحديث، بل يتدرج إلى الفعل، كما يمكن أن تحدث بينهما مشاكل بسبب الجنس قد تؤدي إلى إفشال الخطوبة، وقد يشك الخاطب في خطيبته بسبب تجاوبها معه حتى وإن كان هو المُلِّح على فتح هذه الموضوعات.

والخطورة الحقيقية أن الانشغال في الأحاديث الجنسية تشغل الطرفين عن التعرف على شخصية كل منهما؛ لأن الرغبة الجنسية تطغى عليهما ليتجاهلا اكتشاف بعضهما بعضًا، ويجب غلق هذا الموضوع بحسم شديد جدًا.

* عدم إفشاء الفتاة لأسرار أهلها

فلو كانت الفتاة على مشاكل مع أهلها، فالأفضل ألا تفشي أسرار أسرتها، وأن تمسك لسانها، وتستر هذه الخلفيات؛ حتى لا تدفع بعد الزواج ثمن هذه الاعترافات الأسرية، فهناك من الأزواج من يستغلون هذه المعلومات في إحراج الزوجة، وكسر شكيمتها.

 

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

This website uses cookies to improve your experience. We'll assume you're ok with this, but you can opt-out if you wish. Accept Read More