كشفت صحيفة “الأهرام” المصرية في عددها الصادر الاثنين تفاصيل تعامل نظام الرئيس مبارك مع الثورة منذ انطلاقها في 25 يناير حتى لحظه اعلان مبارك تنحيه عن منصبه الذي استمر فيه 30 عاما.
وتقول الصحيفة القومية: “وصل إلى الرئيس حسني مبارك قبل الثلاثاء 25 يناير من اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية السابق تقارير تقلل من قيمة المظاهرة وقدرتها وأنهم مجرد شوية عيال يمكن احتواؤهم.. الموقف تحت السيطرة.. ولن توجد أي مشكلة.
وأشارت الصحيفة الى انه مساء الاثنين رفع أحد الوزراء سماعة تليفونه الخاص الواصل إلى رئاسة الجمهورية، واقترح أن يعلن الرئيس تعديلا وزاريا يشمل عدد 15 وزيرا على الأقل، وقال بالنص 15 واحد مننا يلبسوا الجلاليب ويقعدوا في البيت، ونحل المشكلة.. كان الرد: بعد ربع ساعة سنرد عليك.. جاء الرد: سيبوا الموضوع لحبيب العادلي.
و قالت “الأهرام” ان حبيب العادلي الذي توحشت سلطاته بدرجة مذهلة، استطاع أن يجنب شخصية قوية جدا للغاية، ويهمش دورها فانحصر كله في ملفات خارجية، مستغلا أخطاء وخطايا وقع فيها هذا المسئول ورتبها في ملف خاص عرضه على الرئيس وسوزان وجمال، وهو ما لقي هوى وقبولا من الزوجة والابن الطامح في منصب الرئيس ويريد أن يزيح من أمامه أي منافسة محتملة.
والواضح أن الأهرام تقصد هنا مدير المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان الذي عينه مبارك نائبا لرئيس الجمهورية أثناء الأزمة، وتقول إنه جرى قصقصة ريشه على مدى سنوات بعدم التجديد لرجال ذوي ولاء وخبرات خرجوا على المعاش من مؤسسته بالتدريج.
وأفردت يد حبيب العادلي في التعامل مع مظاهرات 25 يناير سياسيا وإعلاميا، فقد أرسل خطابا إلى اتحاد الإذاعة والتلفزيون فيه تعليمات صارمة وأوامر مباشرة بالكيفية التي تجري بها تغطية الأحداث، ولم يكن يجرؤ أحد على معارضته.
وحدث ما حدث يوم 25 يناير، ونجحت المظاهرات، وبرر حبيب العادلي للرئيس مبارك المفاجأة بأن جماعة الإخوان حشدت شبابها بتعليمات من الخارج رصدت الداخلية بعضها على أجهزة الموبايل برسائل “مثل اجعلوا الولادة متأخرة..لا تدعوا الأم واقفة في مكان واحد فالحركة لها مفيدة جدا.
وتقول الصحيفة: “وهذا هو سر قطع الاتصالات المحمولة لمدة يومين والرسائل لمدة تسعة أيام. وهذا النجاح أغضب حبيب العادلي، فتعامل مع جمعة الغضب كما لو أن المظاهرات تحد شخصي له”.
و”لم يستوعب العادلي ما حدث.. فوقع العنف المفرط والقتل ضد شباب أعزل،– وفي عصر يوم الجمعة الموفق 28 يناير وفي ظل العنف الذي تمارسه قواته ضد المتظاهرين أرسل حبيب العادلي بيانا إلى أسامة الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون لإذاعته فورا على الهواء، لكن المسئولين لم يقدروا على إذاعته فقد وجدوه مستفزا جدا للناس، فمرروا البيان إلى القصر الجمهوري”.
وكان البيان يتحدث عن دور الإخوان المسلمين,، ويحملهم مسئولية العنف، وأن الشرطة سوف تتعامل بمنتهى القسوة مع المتظاهرين، وأنها مضطرة للدفاع عن نفسها ضد الاعتداءات المقصودة التي تتعرض لها لإسقاط هيبة الدولة وإشاعة الفوضى.
واضافت الصحيفة أن بعد دقائق من وصول البيان إلى رئاسة الجمهورية، رن تليفون حبيب العادلي الخاص، كان على الطرف الآخر الرئيس مبارك الذي راح يعنفه ويوبخه ويسبه بألفاظ حادة ونابية. وأغلق المكالمة وهو يقول له: خلاص حنزل الجيش يساعدك وحيتفاهم مع الناس أكثر منك “.
وما ان انتهت المكالمة الا وتمتم العادلي بكلمات قال فيها “خلاص خللي الجيش ينفعلك ، وكان بجوار العادلي عدد من ضباطه ومعاونيه الكبار، ثم أعطى أوامره بإخلاء الأماكن أمام قوات الجيش. الجيش نزل امشوا أنتم!. مع الإخلاء تحركت مجموعات اقتحام السجون السبعة.. مستعملة أسلوبا واحدا: نيران كثيفة، بلدوزرات لهدم الأسوار، طلقات الـ آر.بي.جي، وفتحت الزنازين بمرزبات قوية.
وفي التفاصيل التي نشرتها الأهرام فقد انتقلت إدارة الأزمة مع الثورة الشعبية من الداخلية إلى رئاسة الجمهورية. بالتحديد مع أربعة أشخاص: الرئيس مبارك والسيد عمر سليمان والسيد زكريا عزمي والسيد جمال مبارك وتتابعها عن كثب وتشارك أحيانا السيدة سوزان مبارك، وكان السيد جمال مبارك الأعلى صوتا وكفة.