يُشيّع اليوم السبت 2-4-2011، جثمان الشاب المجهول ذي الوجه المبتسم الذي قتل أثناء الثورة المصرية إلى مثواه الأخير في جنازة شعبية, وتصلى صلاة الجنازة على جثمانه بمسجد السيدة نفيسة بالعاصمة المصرية القاهرة.
وكانت صحيفة “الأهرام” قد ثبتت طوال الفترة الماضية قصة الشهيد والبحث عن أسرته, ونظراً لعدم تعرف أحد إليه طوال الفترة الماضية فقد تبرعت إحدى قارئات الأهرام بدفن الجثمان في مقابر أسرتها الخاصة.
وقد ظل جثمان شهيد الثورة حائراً يتنقل ما بين ثلاجة مستشفى الهلال ومشرحة زينهم لا يملك الا أن يبتسم.. لا يبوح بأسراره أو حتى آلامه ولا يشكو إلا لله.. يتيماً ليس له أسرة تبحث عن حقه وتسأل من قتله لتثأر له.. أو حتى تعطيه حق الدفن او تقف في طوابير صرف التعويضات.
والجثمان لشاب مبتسم الوجه وقتل في جمعة الغضب يوم 28 يناير/كانون الثاني الماضي وتبنّت صحيفة “الأهرام” قصته منذ فبراير/شباط الماضي بحثاً عن أسرته.. حتى توصلت الصحيفة إلى إحدى الأسر من محافظة الشرقية التي حضرت الى مستشفى الهلال وتعرفت أمه وقتها إليه في مشهد إنساني صعب حمل دموعاً وصراخاً وآلاماً لتبدأ بعدها الإجراءات القانونية بتحويل جثمانه الى مشرحة زينهم لإجراء تحاليل DNA لإثبات نسبه الى أسرته الا أن المفاجأة جاءت بعدم تطابق التحاليل بينه وبين والده الذي ظل مصراً على موقفه من أن الشهيد ابنه واستغاث بـ”الأهرام” مرة أخرى خاصة بعد أن كشف عن بعض العلامات الموجودة على الجسد من جرح في وجهه وقدمه وآثار عملية قديمة لاستئصال الزائدة الدودية، وبشكل إنساني استجاب الدكتور أشرف الرفاعي، مدير دار التشريح بمشرحة زينهم، لطلب “الأهرام” بإعادة التحليل مرة أخرى مع إضافة عينة من الأم الى التحاليل لتتكرر المأساة مرة أخرى ولا تتطابق العينة لتعود الأسرة الى قريتها بالشرقية وهي راضخة لقوة العلم والقانون مطالبين بمعرفة مكان دفن الجثمان لزيارته والترحم عليه لأنهم مازالوا على إصرارهم بأن من يقطن ثلاجة زينهم هو ابنهم المختفي.
ويبقى الجثمان بعدها أياماً يعاني من برودة ثلاجته منتظراً أن يأتي أحد ليسأل عنه او يكشف عن سره او حتى يذهب وحيداً الى مقابر الصدقة التابعة للمشرحة، ورغم طول الغياب ومرارة الانتظار وفقدان الأمل.. الا ان الكثيرين من قراء “الاهرام” ظلوا متابعين بشكل شخصي قصته حتى الساعات الاخيرة مطالبين بنبل شرف دفن الجثمان في مقابرهم الخاصة متبرعين بأكفان او أعلام ليلتف بها جثمانه ايماناً منهم بأنه ابن مصر دفع حياته ثمناً لحريتنا دون أن يسأل عن أبسط حقوقه، وسيظل كل بيت في المحروسة بيته وكل ام أمه، حتى تحركت إحدى القارئات المصريات والتي رفضت ذكر اسمها لتتقدم بطلب الى المشرحة لاستلام جثمانه لدفنه الى جوار والدها في مقابر الأسرة لتحيل المشرحة الأمر الى المحامي العام لمنطقة وسط القاهرة الذي وافق على الطلب وأحاله الى نيابة قصر النيل التي أيدت الموافقة بروح القانون والإنسانية مع اشتراطها أن تتم عملية الدفن بمحضر إجراءات رسمي وبإشراف الطب الشرعي ليتحدد اليوم السبت موعداً لتشييع جثمانه من المشرحة الى مثواه الأخير بعد الصلاة عليه في مسجد السيدة نفيسة، وهي دعوة لكل مصري مخلص ليشارك في تشييع ابن مصر المجهول المبتسم.. ليسدل الستار أخيراً وبعد مرور أكثر من شهرين على واحدة من أكثر قصص شهداء الثورة تحمل معاني الفخر والألم.
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون.
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون.
فى جنه الخلد اللهم الحقنا به فى عليين.
فى جنه الخلد اللهم الحقنا به فى عليين.