قد تندهش عندما تعلم أن ثورتنا المصرية، لم تتوقف عند حد الإشادة والإعجاب من قادة وشعوب العالم، ولم يقتصر تأثيرها على دول المنطقة المجاورة بل أصبح عابرا للقارات! وأصبحت تمثل نموذجا ملهما تسعى شعوب العالم لاستنساخه عندما تطالب بحقوقها فى الديمقراطية والعدالة الاجتماعية إيماناً بأن القضية واحدة فى كل مكان فى العالم، وهذا ما أثبتته ولاية ويسكنسن الأمريكية التى سعت لتطبيق الكتالوج المصرى بطريقة لفتت انتباه العالم والشعب الأمريكى لمدى قوة تأثير الثورة المصرية.
فبعد إعلان الرئيس السابق مبارك عن تنحيه بيومين وتحديدا فى الثالث عشر من فبرايرالماضي خرجت مظاهرات عمالية حاشدة ضد حاكم الولاية الجمهورى سكوت ووكر، الذى وضع مشروع قانون من شأنه تدمير النقابات المهنية التى تمثل أكثر من 200 ألف موظف حكومى فضلا عن قيامه بتخفيض دعم المخصصات المالية لموازنات الخدمات العامة الأساسية مثل التعليم والصحة والمواصلات العامة، وسرعان ما انتقلت المظاهرات من ويسكنسن إلى كافة الولايات الأمريكية الآخرى تضامنًا معها.
وما لفت الانتباه فى تلك المظاهرات هو استلهامها لشعارات الثورة المصرية ولافتات التظاهر الخاصة بها وحتى أيضا طريقة ومكان التظاهر والاعتصام، حيث سعى سكان الولاية لخلق “ميدان التحرير” الخاص بهم والذى تمثل فى مبنى الكابيتول الحكومى بالعاصمة ماديسون الذى اتخذوه مقرا للاعتصام رافعين لافتات كتب عليها “هذه هى القاهرة الجديدة” وبرز العلم المصرى بجوار العلم الأمريكى فى بعض الأحيان ، كما رددوا هتافات وشعارات شبيهة بما ردده المصريون والتونسيون مثل عبارة “ارحل يا ووكر” التى كتبت على لافتات باللغة الإنجليزية ولافتات أخرى كتبت عليها بالعربية أيضا! بالإضافة إلى لافتات كتبوا عليها “المصريون علمونا” و”مصر ساعدينا”، و”مصر ألهمتنا.. ويسكنسن تحب مصر..عالم واحد .. شعب واحد”، “سر كما يسير المصرى “، “قاتل كما يقاتل المصرى”، ورفع أحد المتظاهرين لافتة حملت تساؤله حول المستقبل كتب عليها ” مصر= 18 يوم .. ويسكنسن = ؟؟؟” فى إشارة لنجاح الثورة المصرية فى إسقاط النظام فى فترة استغرقت 18 يوما بينما ويسكنسن قد أوشكت على أسبوعها الرابع ولم تحرز تقدمًا، كما حملوا لافتات أخرى عليها حدود خريطة الولاية وكتب عليها “مصر الصغيرة” بينما تم تحديد مكان العاصمة ماديسون ليكتب مكانها “القاهرة الجديدة”.
الطريف فى الأمر أنه كما استنسخ شعب ويسكنسن أداء الشعب المصرى فى الثورة المصرية استنسخ أيضًا حاكم الولاية ووكر أساليب النظام السابق فى مواجهة الثورة بداية من تنظيم مظاهرات لمؤيديه والتفكير فى زرع عناصر من البلطجية أيضًا وسط المتظاهرين لتشويه صورتهم وإضعاف قضيتهم إلا أنه تراجع خوفا من أن يخرج الأمر عن سيطرته هو وأعوانه مما قد يجبره على تقديم تنازلات للمتظاهرين.
كما قام ووكر بحجب موقع الدفاع عن ويسكنسن “defendwisconsin.org” الذى يعد منصة للتواصل بين المتظاهرين وكذلك قطع خدمة الإنترنت عن مبنى الكابيتول الذى يعتصم به المتظاهرون،بالإضافة إلى تهديده باستخدام الحرس الوطنى لتفريق المتظاهرين بالقوة ،مما أدى إلى بروز لافتات تطلق على حاكم الولاية سكوت ووكر اسماء “حسنى ووكر”، “سكوت مبارك”،”ووكر هو مبارك الغرب الأوسط” ، كما تم تصميم لافتات و بوسترات حملت صورة مبارك بجوار ووكر وصف بعضها ووكر بأنه “مبارك الصغير”، وكتب على بعضها “الديكتاتوريون ..سقط واحد والآخر سيسقط”، “مصر حصلت على الديمقراطية وويسكنسن حصلت على ديكتاتور”.
وفى المقابل دعم بعض المصريون ويسكنسن فى مليونية التحرير بالقاهرة، حيث رفع أحد الشباب لافتة كتب عليها “مصر تدعم ويسكنسن ..عالم واحد ..ألم واحد” الأمر الذى أسعد مواطنى ويسكنسن وتناقلته وكالات الأنباء العالمية وأصبحت تلك الصورة عاملا مشتركا فى كثير من المواقع التى تتابع الأحداث هناك، حيث ربطت بين الثورة المصرية ومظاهرات الغضب فى ويسكنسن التى لم تحسم قضيتها بعد.