logo

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتديات كويك لووك ، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .






look/images/icons/i1.gif القصة الكاملة للجاسوس المصري رأفت الهجان : بقلم رأفت الهجان.. شخصياً
  09-06-2009 09:13 صباحاً  
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 2008-08-27
رقم العضوية : 6
المشاركات : 9822
الدولة : EG
الجنس :
الدعوات : 29
قوة السمعة : 1561
التعليم : جامعي
الهواية : طهي
حتى كان مطلبه هذا..
أن يعود إلى (مصر)، ويدفن إلى الأبد شخصية (جاك بيتون)..
حدث هذا في يونيو1963م، قبل لقائه الأوَّل بزوجته فيما بعد (فلتراود)، أي أن رغبته
هذه كانت تعكس حالة الإجهاد التي وصل إليها، ورغبته الحقيقية في استعادة
(رفعت الجمَّال)، بهويته، وجنسيته..
وديانته أيضاً..

ولكن العودة لم تكن بالبساطة التي توقَّعها (رفعت)؛ إذ لم يكن من السهل بالتأكيد،
أن يختفي (جاك بيتون) هكذا فجأة، من قلب (إسرائيل)، ليظهر (رفعت الجمَّال) مرة
أخرى في (القاهرة)؛ فهذا كفيل بكشف كل ما فعله طوال حياته..
ليس هذا فحسب، ولكن ستكشف -أيضا- شبكات التجسُّس التي تركها خلفه أيضاً..
وفي عالم المخابرات تعتبر هذه كارثة.. وبكل المقاييس..
كان عليه –إذن- أن يحتفظ بشخصية (جاك بيتون) لبعض الوقت، وإن كان باستطاعته
أن يغادر (إسرائيل)، ويرحل إلى بلد ثالث، بحجة العمل أو الارتباط، حتى يفقد
(الموساد) اهتمامه به، بعد فترة من الوقت، مما يسمح له بالعودة إلى (مصر)..
وعند هذا الحد، تمتزج، على نحو ما، مذكرات (جاك بيتون) بمذكرات زوجته (فلتراود)،
فيروي هو نفس ما روته هي من قبل، حول لقائهما، في أكتوبر 1963م، ووقوع كل
منهما في حب الآخر، وزواجهما.
ولكن هناك فقرة مهمة جداً، في المذكرات التي تركها (رفعت) لزوجته بعد وفاته،
تستحق حتماً أن نتوقَّف عندها، وأن ننقلها هنا نصاً؛ لأنها تؤكِّد نجاحه البالغ:
(وعدنا إلى إسرائيل في أوائل يناير1964م، قدمتك إلى "جولدا مائير"، وأحبتك كثيراً،
ثم اصطحبتك في زيارة إلى "بن جوريون"، في الكيبوتز الخاص به. رافقنا "ديان"
في هذه الزيارة، وبعد أن استقبلك "بن جوريون" العجوز مرحباً، طلبت منك التجول
في الكيبوتز إلى أن نفرغ من حديثنا أنا و"بن جوريون" و"ديان". لم يتناول نقاشنا
شيئاً له أهمية كبيرة، ولكن كان لابد وأن أكون متابعاً لمسرح الأحداث)..
إلى هذا الحد إذن كان (رفعت الجمّال) متوغّلاً، في قلب عالم الكبار
في (إسرائيل)!!!
أي نجاح يمكن أن يفوق هذا!!
والنقطة المهمة جداً، التي ينبغي التوقف عندها، في هذه المذكرات أيضاً، هي
إصرار (رفعت) الشديد، على ألا يولد ابنه في (إسرائيل)، وعلى أن تسافر زوجته
لتنجبه في (ألمانيا)، حتى لا يحمل إلى الأبد الجنسية الإسرائيلية..
ورويداً رويداً، راح (رفعت) يتحلَّل من أعماله والتزاماته في (إسرائيل)، ويقوي روابطه
وأعماله في (ألمانيا)، وبدأ في دراسة كل ما يتعلَّق بالنفط، الذي قرَّر أن يجعل من
تجارته مصدر رزقه الأساسي، خاصة وأنه قد تقدَّم بطلب للحصول على الجنسية الألمانية،
التي ستتيح له السفر بيسر أكثر، ودون تعقيدات أمنية عديدة، إلى (مصر)، في أي
وقت يشاء، كرجل أعمال ألماني، وتاجر نفط عالمي..
وفي فقرة مؤسفة، يؤكِّد (رفعت) أنه، باتصالاته التي لم تكن قد انقطعت بعد،
بالمسؤولين الإسرائيليين، أمكنه معرفة أن (إسرائيل) تستعد للهجوم على (مصر)،
في يونيو1967م، وأنه أبلغ المسؤولين في (مصر) بهذا، إلا أن أحداً لم يأخذ
معلوماته مأخذ الجد، نظراً لوجود معلومات أخرى،
تشير إلى أن الضربة ستنصب على (سوريا) وحدها!!..
ووقعت نكسة1967.. وانهزمنا هزيمة منكرة..
وعلى الرغم من حالة الإحباط وخيبة الأمل، التي أصابته بسبب هذا، واصل (رفعت)
ارتباطه بالمخابرات المصرية، وظلّ يرسل إليها كل ما يقع تحت يديه من معلومات،
من خلال صداقته مع رجل المخابرات الإسرائيلي (سام شواب)، حتى توافرت لديه
فجأة بعض المعلومات بالغة الخطورة، (لم يفصح عنها أيضاً في مذكراته)، والتي
أرسلها فوراً إلى (مصر)، وصدقها المصريون، وكان لها تأثير واضح، في حرب 1973م..
وبعد الحرب والانتصار، عاد (رفعت) يطلب العودة إلى (مصر)، ولكن المخابرات
المصرية أخبرته أنه لا يستطيع العودة مع أسرته، إذ يستحيل أن تتم حماية الأسرة
كلها طوال الوقت، من أية محاولات انتقامية إسرائيلية، إذا ما انكشف أمره..
كان على الطير أن يواصل التحليق إذن، بعيداً عن وطنه، وأن يحمل حتى آخر
العمر جنسية (جاك بيتون)، اليهودي الإسرائيلي السابق، ورجل الأعمال الألماني
المحترم، الذي نجح في إقامة مشروع نفطي كبير في (مصر)، ظلّ يزهو به، حتى
آخر لحظة في حياته، ويروي في مذكراته كيف حصل على امتياز التنقيب عن البترول
المصري، في عام 1977م، ليعود أخيراً إلى (مصر)، التي عشق ترابها،
وفعل من أجلها كل ما فعله..
وفي نهاية مذكراته، يتحدَّث (رفعت الجمَّال) عن إصابته بمرض خبيث،
وتلقيه العلاج الكيمائي، في أكتوبر1981م، وتفاقم حالته، ثم يبدي ارتياحه،
لأن العمر قد أمهله، حتى أكمل مذكراته، وأن زوجته وابنه (دانيال)،
وابنته بالتبني (أندريا) سيعرفون يوماً ما حقيقته، وهويته، وطبيعة الدور
البطولي الذي عاش فيه عمره كله، من أجل وطنه..
من أجل (مصر)..
وهنا ينتهي الجزء الثاني من الكتاب، ليبدأ الجزء الثالث، وهو الأقل أهمية،
بالنسبة للقارئ، نظراً لأنه يحوي تطورات حياة (فلتراود)، بعد رحيل (رفعت)،
ومحاولاتها السيطرة على الأمور، ومعرفتها بأمر زوجها، على لسان ابن شقيقه
(محمد سامي الجمَّال)، في نفس يوم الوفاة، وكيف أنها لم تصدّق ماسمعته،
وأنكرته، واستنكرته..
ثم تتحدّث عن المفاجأة التي تلقَّتها، مع قراءتها لمذكراته، بعد ثلاث سنوات
من وفاته، وتأكُّدها مما أخبرها به (محمد الجمَّال) قديماً..
ويالها من مفاجأة!!
ثم تروي (فلتراود) قصة لقائها بالفنان (إيهاب نافع)، وارتباطها به، والدور الذي
قام به، لإجراء الاتصال بينها وبين المخابرات المصرية؛ للتيقن من حقيقة ما جاء
في مذكرات زوجها الراحل، ثم زواجها من (إيهاب نافع) فيما بعد..
والأحداث الأخيرة تختلف إلى حد ما، عما قدَّمه المسلسل التليفزيوني، وتبدو طويلة
ومضجرة، وخاصة بعد خروجك من مذكرات (رفعت الجمَّال) نفسه، ولكن اختلافها لن
يصنع فارقاً كبيراً، بالنسبة للقارئ أو المتابع؛ إذ أن كل ما يعنينا
من الأمر هو أن الاتصال قد تم..
وأن العالم كله يعرف الآن أن المخابرات المصرية قد نجحت، في صفع الإسرائيليين،
طوال ثمانية عشر عاماً كاملة، وزرع جاسوس مصري في قلب قياداتهم..
وقلب مجتمعهم..
بل وقلب كيانهم الأساسي كله..
وأنها كانت واحدة من أروع وأكمل العمليات، التي تم نشر (بعض) تفاصيلها،
في تاريخ المخابرات كله..
عملية، برع وتألّق خلالها جاسوس يعد الأشهر في عالمه، حتى لحظة كتابة هذه السطور..
بل أشهر الجواسيس..
على الإطلاق.
رأفت الهجان مات جمال عبدالناصر!
هزت وفاته رأفت الهجان حتى الأعماق!
أحس وكأن يداً تعتصر قلبه فى قسوة مروعة.. وفى البداية رفض أن يصدق
سيرينا أهارونى وظن انها تمازحه مزاحا سياسيا، يرمى الى معنى لم يصل
اليه، لكن الحقيقة جاءته عبر صوت تلك السيدة الذى اكتسى بحزن لم تحاول
اخفاءه.. رفض كل محاولاتها للقائه فى تلك الليلة، قالت إن الامر فى حاجة الى
مناقشة هادئة بعيدا عن هوس الذين كانوا يرون فى الرجل شبحا يؤرق جشعهم...
ظل طوال الليل يحرك مؤشر الراديو ملتقطا كل اذاعات العالم، يستمع -
وقلبه ينفطر حزنا- للعدو قبل الصديق وهم يذيعون النبأ بحزن أو شماتة...
حاول فى تلك الليلة أن يبكى لكنه لم يستطع، أراد أن يبكى لعله يزيح ذلك
الصخر الذى حط فوق صدره، فكاد يكتم انفاسه.. قال: إنه لم يشعر بوفاة ابيه
الا فى ذلك اليوم الثامن والعشرين من سبتمبر عام 1970... قال: إن مشكلة عبدالناصر
معه أنه احتل فى نفسه مكان الاب.. قال: إنه بعد زيارته لمصر عقب هزيمة 1967،
وعثوره على الأسباب الحقيقة لتلك الحرب الضاربة التى ووجهت بها مصر،
اكتشف انه اهتم - مع انغماسه فى مهمته الكبري- بإسرائيل ومشكلات إسرائيل
وما كان يدور فيها، دون ان يهتم بوطنه وما كان يحدث فيه... قال: إنه اكتشف ان عليه-
إن أراد ان يقوم بواجبه على الوجه الاكمل - الالمام بالصورة من كل جوانبها،
فى مصر، كما فى إسرائيل، كما فى العالم العربى المحيط بهما.. لذلك،
فإنه بعد عودته إلى إسرائيل، وضع نصب عينيه أن يعرف كل ما كان يدور
فى مصر وما يحدث فيها من تطورات... ولقد كان، كلما أمعن فى القراءة
والدراسة، يهوله الأمر... أدرك انهم كانوا لابد أن يضربوه، ويهزموه، كما
أدرك بوضوح، ان واجبه اصبح اكثر ثقلا، ومسئولياته أكثر جسامة!
كانت نيران الأحداث تنضج رأفت الهجان على مهل فراح يمارس واجبه بوعى
من يدرك حقائق الأمور... فى تلك الأيام راح يرقب ما حوله من فرح وحشى من
البعض، وحزن حقيقى من الذين كانوا يرون فى عبدالناصر عقبة امام جنون
البعض وبغيهم.... وهناك من كانوا يرون أن العداء السياسى شيء، والتقدير
الشخصى لزعيم مثل جمال عبدالناصر شيء آخر.
ولكن، كان هناك اجماع براحة عميقة، فلقد تخلصت إسرائيل، بضربة حظ لا تتكرر
فى الدهر مرتين، من ألد اعدائها وأكثرهم ضراوة وفهما لحقائق الأمور!
أما هو، فلقد لزم الصمت، والزم نفسه به، وامتنع عن مناقشته وتجنب الإدلاء برأيه فيه!
كان لابد للحزن ان ينحسر، وللحياة أن تأخذ مجراها!
ووجد رأفت الهجان نفسه أمام واجبات كانت تمتص كل وقته.
كان القتال قد توقف على جانبى القناة بعد قبول مصر لمبادرة روجرز....
وكما قبل جمال عبدالناصر تلك المبادرة كى يعطى الفرصة لدفاعه الجوى
ان يتحرك إلى أماكن متقدمة من الجبهة، استغلتها إسرائيل كى تدعم تحصيناتها
العسكرية فى سيناء... وكذا، كان لابد لذراع الفتى ان تمتد الى كل شبر فى شبه
الجزيرة المصرية، وكان هذا يحتاج الى تجنيد المزيد من الجنود، أو القيام برحلات
كان بعضها يمثل خطرا حقيقيا!
على الضفة الأخرى من القناة، بدأ رأفت يلمح بوادر ذلك الصراع السياسى الذى
نشب عند قمة السلطة فى وطنه... والذى بلغ ذروته فى اليوم الرابع عشر من مايو
عام 1971، وبدا له الامر فى لحظة ضيق- وكانت نفسه تقطر مرارة- أن الناس
فى مصر نسوا واجبهم المقدس وتفرغوا لصراعهم السياسى... وعندما احتدم ذلك
الصراع ووصل الى ذروته، أحس وكأنه يقف فى الميدان وحده!!!!

والى هنا تنتهى مذكرات كل من رأفت الهجان ( رفعت الجمال




الساعة الآن 06:23 PM